هو أكثر أنواع المخدرات انتشارا في المغرب، والأكثر استهلاكا بين "ولاد اليوم"، البعض يصفه بالمخدر الشعبي، والبعض الآخر يعتبره بوابة رئيسية لعالم الضحك. بينما آخرون فيروون عنه قصصا بالغة الأهمية لتسببه في فقدان عقول المدمنين وقتلهم أيضا، إنه "المعجون".الصماكة، البربوقة، القاتلة، و"المندمة" مسميات يتداولها عشاق "البلية الشعبية" للإحالة إلى "المعجون"، ذلك أن كثيرون يعتقدون بأنه يرفع مدمنيه من عالم واقعي حيث المشاكل و"صداع الراس" إلى آخر وردي - إفتراضي، تنمحي فيه كل أشكال القهر والمعاناة، وتتسع في رحابه مساحة الضحك المجاني، ويرتفع في عليائها مستوى التفكير إلى أرقى درجاته لتحليل ظواهر والصور السوريالية التي تسقط فجأة في قعر مخيلتهم، أو للحصول على قوة إضافية بالنسبة للرياضيين الذين يرغبون في نشاط أكثر وشراهة في الأكل؛ ونظرا لارتفاع نسبة مدمني المعجون في صفوف الشباب في السنين الأخيرة، ارتأينا الغوص والذوبان وسط المدمنين والبزناسة للوقوف على أسباب تعاطي هؤلاء لهذا السم القاتل، الذي أدى بحياة الكثيرين خاصة في مناطق المدن الكبرى التي يكتسح فيها سوق المعجون آلاف الشباب، لنقف على مشارف عالم تتعدد فيه أسماء المعجون وكيفية تحضيرها، ونكتشف ما يعرفه كثيرون عن "المخدر الشعبي" مجرد نزر قليل، ذلك أن ما خفي كان أعظم.
المعجون، المدمن والبزناس
لا يختلف اثنان على أن "المعجون" هو المخدر الأكثر شعبية في المغرب، وهو حسب بعض المدمنين على تناوله، وسيلة لولوج عالم مثالي يوفر لزائريه نشوة طويلة، يعانقون من خلالها أحلامهم التي استعصى عليهم تحقيقها.والمعجون بعدما كان معروفا بشكله وطريقة تحضيره، التي كانت مألوفة عند الناس، أصبح الآن "صناعة" تشعبت روافدها لتنتج عنها أنواع أخرى حديثة العهد، كـ"البربوقة، الصَمَّاكة، القاتلة، القرطاسة، المُنَدِّمَة، شكيليطة، وأسماء أخرى في طريقها إلى البروز، لاعتبارات عديدة، أهمها تنافس مروجو هذه الأنواع من المخدرات، لاحتكار سوق التخدير. بحيث يبتكر المروج لها أو "البزناس" تسمية مغرية لمنتوجه من المعجون، تحمل معاني ودلالات تهيج المدمنين على تناوله.. ولتقريب القارئ الذي كثيرا ما تهاطلت على مسامعه بعض الأسماء من هذا المخدر، قمنا بتجميع بعض المعلومات حول كل منها حتى تكتمل الصورة في الأذهان..وللإشارة فقط فإن التطرق لموضوع حساس كهذا ليس الهدف منه إغراء الشباب بتناوله أو تحفيزهم على التعاطي لهذه الأنواع الجديدة من المخدرات، بل لنظهر فقط إلى أي حد يتفنن مروجو هذه الموبيقات في الإيقاع بالضحايا، بعدما يكونوا قد منحوهم تأشيرة الدخول إلى عالم الإدمان من بابه الواسع.التبواق درجات..
وفي البربوقة شؤون
البلية "فيمينين"
ليس المعجون حكرا على الرجال فقط، بل هناك فتيات أيضا مدمنات على تناوله، فقد قادتهن رغبتهن في اقتحام عالم الرجال إلى استعمال المعجون كخطوة أولى قبل أن تطرقن باب التدخين أو الشيشا والمخدرات الأخرى.. تقول عائشة وهي من مواليد 1980: "أول مرة تناولت فيها المعجون كانت سنة 2004، بإحدى المقاهي بحي بورنازيل، كنت رفقة أصدقائي، وكانت إحدى صديقاتي تدخن الشيشا، كانت بين الفينة والأخرى تحثني على تدخينها، رفضت في البداية، لكن إلحاحها وتوسلها وكذا إغرائها دفعني إلى أن أجربها، وما هي إلا لحظة حتى شعرت بدوار كبير(نترت النترة الأولى وأنا نحس بالقهوة كتدور)، مباشرة بعد ذلك أمدني عشيقها بشيء ما ملفوف في ورق ألمنيوم، قال لي (هذا سلو)، أكلته ثم منحني كأس شاي ساخن.. لم تمر إلا بضع دقائق حتى أخذت كل الصور التي تلتقطها عيناي تتمايل، لقد أفرطت تلك الليلة في الضحك، لم أتوقف لحظة واحدة في كبح جماح ضحكة واحدة.. وبعد ذلك اليوم اكتشفت بأنني تناولت المعجون، لقد كسر "اللعين" كل الحواجز بيني وبين هؤلاء الشباب، إلى درجة أني في إحدى اللحظات وجدت نفسي في حضن شاب لم أتعرف عليه إلا في تلك المقهى مع صديقتي.. أقسمت بعد هذه (الشوهة) ألا أتاوله مرة ثانية، كما أني عزفت عن الذهاب إلى مثل هذه المقاهي التي يتفشى فيها هذا النوع من المخدرات".
المعجون الخطر القاتل
يقول طبيب مختص بمستشفى إبن رشد بالدار البيضاء إنه عندما يلبي الشباب رغبتهم في تناول المعجون، فإنهم يسعون من وراء ذلك إلى تحقيق توازن نفسي، ترقى فيه نفوسهم إلى درجات الكمال أو التعويض عن حرمان مكبوت. فالمعجون بالنسبة لهم كالإسفنج، يمتص وفق اعتقادهم مشاكلهم التي استعصى عليهم حلها. لكنهم ينسون أو يتناسون أن للمعجون آثارا جانبية قد تعصف بعقولهم، إن لم نقل يتسبب في حالات الموت المفاجئ.. وكثيرة هي الحالات التي فقد فيها بعض المدمنين عقولهم جراء تناول كميات كثيرة من هذا السم الفتاك، بل هناك بعض الشباب الذين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق